حينما يحلّ علينا فصل الشتاء ،
وأرى رياح عاتية تعصف بالأجواء ،
وأمطار غزيرة و ثلوج تتساقط من السماء ،
والناس تحت مظلاتهم يسرعون للاختباء ...
رجلاً يرتدي معطفاً يلّتحفُ به ليقيه برد الشتاء ،
والآخر يمسك بمظلة ويعاند بها الهواء ،
ويكاد الهواء من شدته أن يحلّق بهما في عنان السماء ...
ومتحابان تشابكا الأيادي وأقسما بحبهما ،
على أن لا يفترقا مهما جرى ،
ولمَحتُ نظرةَ حب وحياة في عينيهما لحظة الالتقاء ،
ورأيت وعداً وميثاقاً قطعاه على نفسهما ،
بالموت لو حانت لحظة الفراق ...
فذكّرني هذا بالذي مضى ،
وتذكرت قسم الحب الذي قطعناه معاً ،
ونظرات الحب والحياة التي كانت تُحيينا ،
والوعود والمواثيق التي نكثتّها الأيام والليالي ...
ولمحت شريداً يجلس وحيداً ،
تكاد الرياح والأمطار والثلوج أن تُرديه صريعاً ،
بدون سابق معرفة اقبلت عليه ،
لا أعرف لماذا ، ولكني خِفتُ عليه من الموت ...
شريداً يترنّح من التعب يشرف على الإغماء ،
وسمعت صوتاً له يكاد يُسمع ،
يستنجد بمن حوله ، ولكن لا أحد يسمع ويُلبي النداء ...
اقبلت عليه لأجده النصف الآخر من ميثاق الحياة ،
وقد عصفت بنا الدنيا ،
واغرقتنا أمطار الليالي في الأحزان ...
دَقّ القلب لنفتح صفحة الذكريات ،
ونُعيد قسماً وعهداً قطعناه في يوم مضى ،
وتشابكت الأيادي بعد أن افترقت ،
وقد ذاق كل منّا كأس الموت في الفراق ...